أخبار الدارسين في باريس: الفصل الرّابع- دراسة اللاّهوت

إنّه الفصل الرّابع من مرحلة التّكوين اليسوعيّ، إنّه فصل دراسة اللاّهوت. وبفضل العلاقات الجيّدة الّتي تجمعنا بفرنسا، فإنّ الدّارس اليسوعيّ يُوَجَّه عادّةً إلى “مركز سيفر” لمرحلة اللاّهوت. هكذا هي حال غالبيّة اليسوعيّين في إقليم الشّرق الأدنى والمغرب العربيّ.
عمليًّا، يُقيمُ اليوم في فرنسا سبعة دارسين من إقليمنا: أربعة مصريّين، سوريّان، ولبنانيّ. يتوزَّعُ الدّارسون على أربع جماعات تكوين في باريس وضواحيها. كُلٌّ منّا في مرحلةٍ مختلفةٍ عن الأُخرى. ريمون مثلاً، وهو قد وصل منذ خمسةِ أشهرٍ تقريبًا، يدرسُ اللّغةَ الفرنسيّةَ ويتذوَّقُها عن كَثَب، فهو يُدرِكُ من جهةٍ، أهميّة هذه اللّغة لدراستِه المستقبليّة؛ ومن جهةٍ أُخرى، يُدركُ أيضًا صُعوبَةَ هذه اللّغة وتحدّياتِها شأنَها شأنَ كُلِّ لغةٍ جديدة. ومعه في الجماعة نفسِها (جماعة “أسّاس”) جوزيف فوزي، شمّاس البيعة المقدَّسَة، وهو على نقيض ريمون، يُنهي هذا الفصل الرّابع بعد مسيرة خمس سنوات في “سيفر”. ويعملُ حاليًّا بجدٍّ على “رسالة الماجستير”، خاتمة مرحلة اللاّهوت أقلّه حتّى الآن، مُنتَظِرًا رسالته الجديدة.
وفي جماعة ليست ببعيدة عن ريمون وجوزيف (جماعة “سيفر”)، يعيشُ وسام وإميل. الأوّل بدأ سنته الأولى في اللاّهوت بعد تكريس سنةٍ لتعلُّم اللّغة الفرنسيّة، وهو الآن قد بدأ شيئًا فشيئًا يقرأُ ويكتبُ أبحاثًا قصيرة في اللّاهوت. أمّا الثّاني، فهو في السّنة الثّانية من دراسة اللاّهوت، يتابعُ بحزمٍ ما قد بدأه منذُ بضعِ سنوات. وفي جماعته، يقومُ بمهامّ مساعد المُدبِّر (على الأرجح أنّ الفرنسيّين قد سَمعوا بعمله الممتاز كمدبّر في مدرسة العائلة المقدّسة في القاهرة!).
أمّا جوزيف جبرائيل وأنترانيك فيعيشان في جماعة “فانف”. جوزيف بدأ هذه السنّة دراسة اللاّهوت بعد سنةٍ طوبلة وشاقّة من تعلُّم اللّغة الفرنسيّة وهو الآن يكتب أبحاثًا طويلة بالفرنسيّة تتعدّى الـ15 صفحةً. أمّا أنترانيك فيختتمُ دراسة اللاّهوت في “سيفر” ويتطلَّعُ أن يفتحَ صفحةً جديدةً من دراسة اللاّهوت ولكن هذه المرّة في مدريد.
الدّارس اليسوعيّ الساّبع والأخير، هو طوني. انضمَّ طوني أخيرًا إلى قافلة الدّارسين الّذين يدرسون اللاّهوت في فرنسا. وهو يتخصَّص في دراسة الكتاب المقدّس، الكتاب الأحبّ على قلبه. ويُقيمُ في جماعة هي الأبعد عن باريس و”سيفر”، ألا وهي جماعة “فيرساي”.
كلمة أخيرة: يلتقي الدّارسون بشكلٍ منتظم مرّةً كُلَّ شهر، لكي نصلّي، نتشارك الأخبار، نأكل، ونتسلّى، والأهمّ من ذلك نتكلّم اللّغة العربيّة (لكي لا ننساها!). وذلك ناهيك عن اللّقاءات الفرديّة وخاصّةً المجانيّة وليدة اللّحظة. تجدر الإشارة إلى أنّ الظّروف الصّحّيّة الّتي نعيشها جميعًا في بلدانِنا وفي جماعاتنا تُجبِرُنا على إلغاء الكثير من اللّقاءات الشّخصيّة أو حتّى الجماعيّة إحترامًا لقواعد التّباعد الاجتماعيّ وحفاظًا منّا على سلامة مَن نعيشُ معهم.
هذا هو الفصل الرّابع من حياتنا اليسوعيّة: نختار دراسة اللاّهوت، فندرسُ اللاّهوت واللّغة الفرنسيّة!

أنترانيك، باريس، في 31/1/2021