أخبار ذات صلة
معالي وزير التربية والتعليم في ربوع العائلة المقدسة

معالي وزير التربية والتعليم في ربوع العائلة المقدسة

استقبلت مدرسة العائلة المقدسة محمد عبد اللطيف معالي وزير التربية والتعليم و الفني يوم الثلاثاء الثاني عشر من ديسمبر بحضور السفير إريك شوفالييه سفير فرنسا بالقاهرة، للتعرف وتعميق العلاقات بين الدولة المصرية والفرنكوفونية في مصر. كما رافق وزير التربية والتعليم والسفير الفرنسي خلال الزيارة، السيد دانييل رينيو ملحق التعاون التربوي في السفارة الفرنسية، والسيد فرانك توريس ملحق التعاون اللغوي في المعهد الفرنسي.

قراءة المزيد

أكتب هذه السطور وأنا في غاية الامتنان إذ كان لي الحظ أن أشارك في الندوة التكوينية الثامنة عشر للأب/ نادر ميشيل اليسوعي والتي أقامها هذا العام في الفترة من 24 إلى 27 يناير 2024 في بيت الآباء اليسوعيين بمريوط.

جمعت الندوة حوالي مائة شخص من 6 بلدان، منهم 67 من الرهبان والراهبات يمثّلون 14 رهبانيّة مختلفة، إضافةً إلى 32 من العلمانيين من مختلف الطوائف والخلفيات. كان الحاضرون جميعاً من المهتمين بالتكوين الإنساني والروحي بشكل شخصي في المقام الأول، ثم في إطار التزام مهني أو عمل تطوّعي أو دعوة رسولية.  كان بيننا عاملون بقطاع التربية والتعليم في مدارس الإرساليّات وقائمون على خدمات متعلقة بالمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة وكذا رواد مكاتب الخدمات الإنسانيّة التابعة للمطرانيّة ومن يخدمون الرعيّة من شباب وأسر وأطفال بلا مأوى في المجتمعات الأقل حظاً وغيرهم. وإذ نذكر الأطفال لا ننسى أن الندوة قد استقبلت أيضاً خمسة منهم لتشهد ليس فقط على مشاركة بعض الأزواج معاً وإنما أيضاً بعض الأسر بأكملها، وقد حرص الجميع على الترحيب بالأطفال ودمجهم وإعطائهم مساحة خاصة اعترافاً بوجودهم لشخصهم لا فقط في إطار مرافقة ذويهم. وهكذا فقد جاء هذا التنوع الجميل ليؤسس للكثير من التفاعل والغنى، ولتقدّم الندوة صورة حيّة لأعضاء الجسد الواحد.

بدأت الندوة باستقبال وتقديم وصلاة المساء التي استودع فيها كل منا نيّاته بين يدي الله.  ثم على مدار ثلاثة أيام، قادنا الأب/ نادر من خلال مجموعة من المحاضرات في مسيرة جميلة نكتشف فيها أبعاداً جديدة لما نسمّيه الأمان والتقدير، وكيف يأتيان في صميم حاجتنا إلى الحب ليمسّان أدق تفاصيل حياتنا وعلاقاتنا. كان تناوله الأنثروبولوجي وتمكُّنه من القراءة الواعية لما يعتمل في أعماق النفس البشريّة مِعولاً أساسياً يساعدنا على التنقيب في التراكمات التي تشكّل وجداننا وأذهاننا والوقوف على ما يوجّه الكثير من مشاعرنا وأفكارنا واختياراتنا اليومية. وقد استهلَّ حديثه عن حاجتنا إلى الأمان والتقدير انطلاقاً من تعريف كل منهما، كون الأمان يكمن باختصار في اختبار قدر من الطمأنينة العميقة والحصول على المساحة الحيويّة التي تمكنّني من أن “أكون” نفسي بلا خوف؛ وكون التقدير هو استقبال اعتراف الآخر بي والشعور بالاعتبار والقيمة فيما يمثّلني. تعرّفنا بعد ذلك على تأثير “الكلمة” الإنسانية التي نستقبلها ولاسيما تلك المترسخة في كلمة الله، والمسافة التي نكتشفها مع الوقت بين انتظاراتنا القلبيّة وبين ما يستطيع الآخر واقعيّاً أن يقدّمه لنا، لنصل إلى زمن التصحيح والمصالحة والمغفرة (أعفي الآخر من دَينه لأن الذي يعطيني أن أعيش هو مصدر آخر)، محاولين الانطلاق من جديد بثقة في وعد الله. وكان لابد هنا من حديث طويل عن الحرّية واللذة والألم وديناميكيّة كل منهم مع التعمّق بشكل خاص في ملامح حياتنا الجنسيّة وخبرة ما قد سُمِّيَ الجسد الواحد في مقابل الجسد الوحيد. تطرّق العرض بعد ذلك إلى المظاهر الإيجابيّة لاختبار الأمان والتقدير وقدرتنا على استقبالهما كهدية مجانيّة، وكذا المظاهر السلبيّة في حالة الحرمان منهما والسعي الحثيث لمحاولة اقتلاعهما من الآخرين والذي قد يشمل الانخراط في بعض السلوكيات التعويضيّة غير السويّة. ربما كان هناك ما يفتح جروحاً قديمة أو يلمس واقعاً أليماً لدى البعض لكنه كان قطعاً سبيلاً للتنوير وخطوة على طريق الشفاء.

لم يتركنا الأب/ نادر طويلاً في قلب هذه الإشكالية، وإنما رافقنا أيضا في رحلة خاصة مع يسوع، ومن سواه محور حياتنا، ربنا ومخلصنا، لكن أيضاً صديقنا وشريكنا في ضعف بشريّتنا. اقتربنا من شخص يسوع، من فكره ومشاعره وأتجاسر فأقول من أنّات قلبه. تأملنا خبراته ومسيرته مع الأمان والتقدير، كيف نشأ وكيف دُعِيَ، كيف جاع وكيف جُرِّب، كيف تضامن مع الخطأة وكيف اختبر الصداقة والحب الذي يصل إلى حد الدموع. وكنا نشعر أن الروح يعمل فينا بقوة وسلطان، فبينما كانت بعض الكلمات وديعة هادئة منيرة، كانت أخرى مُدوِّية ضاربة تأتي لتهزّنا وتُربكنا في أعماق أعماقنا. بشكل شخصي، استمتعت كثيراً بعرض النصوص الكتابية والتأملات في لقاءات يسوع مع مريم ومرثا والسامرية ونيقوديموس، ولا أعني هنا المتعة الذهنية على مستوى الاستهلاك، وإنما تلاقي الفكر والنفس والروح مع هذا المستوى العميق من الخطاب المسيحي المجدّد للذهن. وهكذا، من ماء الحياة إلى الولادة الجديدة، من مباركة الخبز إلى النبي والملك، كان اللقاء بيسوع هو مغامرتنا الكبرى، اللقاء الذي لا يترك حجراً على حجر، سمعنا يسوع ينادي بالحياة لكن لا ينكر الموت، لا يلغي احتياجاتنا ولا يسدّدها بالضرورة، يباركنا بحضوره ولا يقدم نفسه أبداً بديلاً عن إخوتنا البشر.  ماذا عسانا نطلب إذاً: الخبز أم الحياة؟ بين ما نتلقاه وما ننتظره، ما نعطيه وما يمكن أن يُعطى لنا، تعلّمنا عن سر الاتّحاد بيسوع ومعضلته، هذا الاتّحاد الذي يعطينا هويّتنا الأولى كأبناء لله ويفتحنا على استقبال إنسانيّتنا بحب يجاوز كل موت.

ورغم كثرة المحاضرات وتطلّبها، إلا أنه كان هناك توازن فيما بينها وبين الوقت الشخصي، وأوقات الراحة والمشاركات سواءً في إطار فرق صغيرة يتحقق فيها التنوع من حيث النوع والفئة العمرية وعدد العلمانيين بالنسبة للمكرسين، أو من خلال اللقاء العام الذي يوفر مساحة جماعيّة للتفاعل ومشاركة ما يلتبس من أمور وما يظهر من خبرات إنسانية وروحية في إطار الندوة وموضوعها. وليس أحلى من القداس الإلهي ومن أن نبدأ يومنا وننهيه بالصلاة معاً.

كانت الطبيعة صديقتنا أيضاً في هذه الأيام، فكما ارتوت أعيننا بالكثير من الخضار الممتد عبر حدائق بيت مريوط المتميّزة بألوانها المبهجة ونباتاتها وأزهارها المنتقاة والمنسقة بعناية شديدة، وكما امتلأت رئاتنا بالكثير من الهواء النقي المنعش، فقد رافقتنا الأمطار في الأيام الأولى لتغسل أولاً بأول ما يحيط بنا من جمال وتعطيه لمعاناً خاصاً، ولتدفعنا دفعاً لأن نحتمي بالأروقة المسقوفة فنستدفئ بالحوار إلى جوار بعضنا البعض ونحتسي معاً الكثير من المشروبات الساخنة. جدير بالذكر أن القائمين على الخدمة في البيت لم يدخروا وسعاً عن تدبير جميع احتياجاتنا بل وتدليلنا بوجباتهم الشهية وحضورهم الكريم مستعدين في كل حين للاستجابة لأي طلب من نوع خاص.

وقد ختمنا الليلة الأخيرة لنا معاً بواحدة من أكثر فقرات الندوة تميّزاً وفرادة، فقرة ننتظرها جميعاً كبيرنا قبل صغيرنا، وهي حفلة السمر والتي كشفت الستار عن الكثير من المواهب الفنية والطاقات الإبداعية ولا سيما لدى الراهبات اللواتي كان لهن دور مبادر ورائد أثناء التحضير للحفل وتقديمه. بدأ الحفل بعدة فقرات قدّمها أطفال الندوة شملت الأداء التمثيلي والراقص واستعراض الأكروبات وأيضاً بعض الخدع على غرار فقرة الساحر. ثم جاء دور الكبار فكانت الألعاب التي حرّكت الجميع والفقرات الفولكوريّة والأشعار والقطع الغنائيّة المؤلفة خصيصاً حول موضوع الندوة، وأخيراً إعادة تمثيل محتوى الندوة مع التركيز على بعض العبارات القوية والتشبيهات الملفتة التي استُخدمت خلال المحاضرات وذلك بطريقة ساخرة تحمل الكثير من الفكاهة وخفة الظل. لم تنقطع الضحكات في هذه الليلة المباركة، ضحكات من القلب تعلو في بساطة وحرية وإعلان صادق عن أخوة تجمعنا وطفولة تملأ ضلوعنا تحت كل ما نرتديه من عباءات ورسميات.

لم تغب عنا الشمس طويلاً بل أشرقت علينا بسخاء كبير في آخر نهار، فانطلق الكثيرون بسعادة إلى الحدائق يخلو كلٌ إلى ذاته في ركنه الخاص ليراجع ما عاشه ويلملم ما استقبله من أنوار روحية ودعوات خاصة. أخيراً اجتمعنا لنتشارك الثمار في لقاء عام، احتفلنا بعده بسر الشكر وتناولنا غذاء محبة قبل أن نودع بعضنا البعض وقد امتلأنا فرحاً وتهليلاً ليعود كل واحد إلى حيث ينبغي أن يكون.

إن روح الود والإخاء كانت حقاً أجمل ما يميّز هذه الندوة، ويطيب لي في هذا الشأن أن أقول أن تواجدي وسط هذا العدد الرائع والكبير من الرهبان والراهبات هو في حد ذاته خبرة غنيّة جداً لم تتحقّق لي في أي سياق آخر، وأن الانفتاح على كل هؤلاء من أصحاب الدعوات، والإصغاء لبعض من خبراتهم الشخصية ما بين التحديات والنعم، بل إن مجرد قضاء الوقت في كنفهم ومشاركتهم الصلاة والوجبات والضحك من القلب، هو بالنسبة لي سبب شكر عظيم ومصدر للإلهام والتثبيت.

الحقيقة أننا كنا محمولين حملاً في هذه الأيام، حملنا الروح القدس وأبوة ورعاية الأب/ نادر وصداقة كل من تقابلنا معهم، حتى الخليقة باركتنا وملأت حواسنا بكل ما هو بكر. وأنا أشكر الله من أجل هذه الخبرة المفرحة وما استقبلته خلالها من هبات، وأصلي أن ينعم جميع المشاركين بالبركات الروحيّة، وأن يعضِّد الله الآباء اليسوعيين على الدوام ويبارك مشروعاتهم ليستمروا في مرافقتنا على دروبه وفي إثراء الإنسانية جمعاء بإسهاماتهم الجليلة.

ماريان ميلاد

 

أخبار ذات صلة

معالي وزير التربية والتعليم في ربوع العائلة المقدسة

معالي وزير التربية والتعليم في ربوع العائلة المقدسة

استقبلت مدرسة العائلة المقدسة محمد عبد اللطيف معالي وزير التربية والتعليم و الفني يوم الثلاثاء الثاني عشر من ديسمبر بحضور السفير إريك شوفالييه سفير فرنسا بالقاهرة، للتعرف وتعميق العلاقات بين الدولة المصرية والفرنكوفونية في مصر. كما رافق وزير التربية والتعليم والسفير الفرنسي خلال الزيارة، السيد دانييل رينيو ملحق التعاون التربوي في السفارة الفرنسية، والسيد فرانك توريس ملحق التعاون اللغوي في المعهد الفرنسي.

قراءة المزيد
Parish Openning 2024

Parish Openning 2024

At Christmastime, the Church celebrates new beginnings—Christ’s coming into the world, when everything is made new. But as Christians, we also believe that these new beginnings are a continuation—the fulfillment of God’s tireless work among us, an answer to ancient promises and eternal yearnings. This December, the Jesuits of Lebanon had the chance to celebrate a development in one of our missions in exactly this way—a change that is at once new and familiar, fulfilling old promises and building new opportunities.

قراءة المزيد
semaine jesuite 2024 – CNDJ

semaine jesuite 2024 – CNDJ

« Marcher aux côtés des pauvres et des exclus » est la deuxième des quatre Préférences apostoliques universelles, l’une des orientations que suivent les jésuites dans leurs missions pour servir au mieux le monde et l’Église. Elle récuse toute recherche d’élitisme et demande, non pas de travailler pour ou en faveur des pauvres, mais de marcher à côté d’eux, à côté de notre monde et des personnes blessées dans leur dignité, en promouvant une mission de réconciliation et de justice.

قراءة المزيد
150ans de l’USJ

150ans de l’USJ

En cette année où nous fêtons les 150 ans de l’USJ, il est bon pour tous ceux qui y sont engagés de s’arrêter pour regarder le chemin parcouru et envisager l’avenir. C’est d’ailleurs ce qu’a demandé le P. Général à toute la communauté universitaire de l’USJ à travers « l’Examen jésuite ».

قراءة المزيد
Share This